التعريف بجامع المصنفات في العلوم الشرعية
مقدمة:
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد، فمع نهايات القرن الأول من الهجرة وبدايات القرن الثاني نشطت حركة التدوين للتراث الإسلامي، وتتابعت الكتب والمصنفات في شتى الفنون والعلوم، وقد كان الباعث على تدوين تلك المصنفات عوامل شتى، من إشكالات علمية حدثت في تلك الأزمنة دفعت العلماء إلى التصنيف فيها والـتأصيل لها ومعالجة قضاياها، أو لحرصٍ من العلماء والأئمة أنفسهم على حفظ العلم ومسائله من أن تتسرب عبر ثقوب الليالي والأيام، وتندرس على إثرها من الصدور، أو لسؤالات وجهت لأولئك الأئمة فكانت نواة مؤلفات لا يزال طلاب العلم يشتغلون بها حتى يومنا هذا، ولغيرها من العوامل التي ساهمت في نشاط حركة التأليف والتصنيف عبر التاريخ الإسلامي.
اعتنى العلماء والمشتغلون بالعلم بتلك الكتب والمصنفات التي دونت عبر القرون، وتتابعوا على روايتها ونقلها ونسخها كما دونها مصنفوها، ثم نشطت حركة التحقيق لمخطوطات تلك المصنفات في القرن الماضي، وتأسست المطابع ودور النشر والجمعيات العلمية في شتى البلدان لإحياء ذلك التراث وإبرازه لطلبة العلم والقراء، وباتت رفوف المكتبات عامرة بمئات العناوين التراثية في حلة قشيبة تبهج الناظرين وتسر القارئين.
وإنه والله لشعورٍ مهيب أن تقرأ مصنفًا دون قبل عشرة قرونٍ من الآن أو يزيد، تتابعت عليه عوامل الفناء والاندثار، وصاحبته ظروف تاريخية عصيبة لا تكاد تبقي النفوس فضلًا عن استبقاء الحروف، ومرت جمله وسطوره وفِقَرُه برحلاتٍ ورحلاتٍ من التنقل بين الأوراق والصحائف والنسَّاخ والورَّاقين، وأريقت لأجله أطنان من الحبر والمداد، وجال محققوه في شتى مكتبات العالم لتحصيل ما بقي من مخطوطاته وإخراجه في صورة تليق به.
مشروع جامع المصنفات في العلوم الشرعية:
حملت مبادرة إرث على عاتقها العناية بخدمة تاريخ العلوم التراثية، والمساهمة بمجموعة من المشاريع البحثية التي تمد الجسور بين طلبة العلم والباحثين وبين تلك العلوم، ومن هذه المشاريع: مشروع جامع المصنفات في العلوم الشرعية، وهو مشروعٌ يسعى إلى استقصاء المصنفات التي دونت في العلوم الشرعية عبر القرون، وتوفير بياناتها على منصة رقمية تسهل الوصول إليها والتعرف على بياناتها مع توفير خدمات بحثية تزود المطالع بما يحتاج إليه من المعلومات والإحصاءات.
وتشكل المرحلة الأولى من المشروع: جمع المصنفات المطبوعة التي دونت في العلوم الشرعية منذ بداية التدوين وحتى عام 241هـ، وهو ما تم إنجازه بحمد الله وفضله.
وقد مر المشروع بمجموعة من الخطوات والمراحل، حيث قام فريق العمل على جمع هذه الكتب والمصنفات، والتحقق من البيانات المثبتة لكل مصنف منها، ومراجعتها وتحكيمها من قبل مجموعة من المتخصصين حتى خرجت في الصورة النهائية التي عليها الآن.
البيانات المثبتة لكل مصنف:
يشتمل كل مصنف على عنوان المصنف المثبت في النسخة المطبوعة، والعلم الذي يندرج المصنف تحته، واسم مؤلفه، وتاريخ وفاته، والقرن الذي توفي فيه، والأقاليم التي استوطنها أو كان له بها اتصال علمي، والدار الناشرة للكتاب، وحالته من حيث الطباعة، والمحقق الذي عمل على إخراج الكتاب.
وهي مرتبة في الجامع بحسب تاريخ وفاة المؤلف من الأقدم إلى الأحدث.
البحث في جامع المصنفات:
يوفر الجامع خيار البحث لكل حقل من الحقول، حيث يمكن البحث بحسب عنوان المصنف والاطلاع على البيانات الخاصة به، أو البحث بحسب القرن والتعرف على المصنفات المطبوعة فيه في شتى العلوم، أو البحث بحسب العلم وما دون فيه من مصنفات، وكذلك الأمر في سائر الحقول الأخرى، ويستطيع الباحث تخصيص أكثر من حقل في عملية البحث، بما يوفر له النتائج التي يرغب بالاطلاع عليها.
وتشكل خاصية البحث ميزة إحصائية وقاعدة بيانات مفيدة للباحث، تطلعه على مجموعة من النتائج التي يرغب بالحصول عليها.
ختامًا
نرجو أن يكون هذا الجامع مرجعًا أصيلًا للباحثين في الاطلاع على الكتب والمصنفات التي دونت في العلوم الشرعية عبر القرون، وأن يتبع المرحلة الأولى منه مراحل تالية يكتمل فيها عقد هذا الجمع.
ونحن نرحب بكل إضافة على هذا الجامع، أو ملاحظة أو مراجعة أو توثيق لأي معلومة وردت فيه، حيث لا يخلو عمل بشري من أن يعتريه النقص والقصور، ونسعد بتواصلكم معنا على هذا النموذج الخاص بالجامع وما يتصل به.